فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: أَوْ لِعُذْرٍ يُمْكِنُ مَعَهُ إلَخْ) كَانَ مَعْنَاهُ يُمْكِنُ مَعَ الرَّمْيِ تَدَارُكُ الْعُذْرِ سم وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ عُدُولِهِ عَنْ الظَّاهِرِ مِنْ إرْجَاعِ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ لِلْعُذْرِ وَالثَّانِي لِلرَّمْيِ.
(قَوْلُهُ: تَدَارَكَهُ) أَيْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي يُرِيدُ النَّفْرَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ أَوْ لَا يُمْكِنُ جَازَ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ مَعَ إمْكَانِ التَّدَارُكِ، وَهُوَ مَحَلُّ نَظَرٍ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْأَيَّامَ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ حَيْثُ التَّدَارُكُ فَلْيُحَرَّرْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِإِمْكَانِ التَّدَارُكِ فِي طَرَفِ الْإِثْبَاتِ إمْكَانُهُ وَلَوْ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَحْذُورَ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ يَعْنِي فِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ عَنْ سم وَالْوَنَّائِيّ.
(قَوْلُهُ: بِضَمِّ فَائِهِ وَكَسْرِهَا) كَذَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ ع ش مَا نَصُّهُ عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ: نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفِرُ بِالْكَسْرِ نِفَارًا وَتَنْفُرُ بِالضَّمِّ نُفُورًا وَنَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ انْتَهَى وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ م ر كحج إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا ذَكَرَاهُ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَفَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَوَقَعَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَيْسَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ لِلْمَبِيتِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ لِلْمَبِيتِ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ عَزَمَ الْعَوْدَ بِدُونِ قَصْدِ الْمَبِيتِ أَيْ النُّسُكِ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَالْإِعْرَاضَ عَنْ الْمَبِيتِ وَعَدَمَ الْعَوْدِ سم.
(قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَحِكْمَةُ إلَى أَوْ لِأَنَّهُمْ وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ سُمِّيَتْ إلَى، وَهِيَ الْمَعْدُودَاتُ.
(قَوْلُهُ وَحِكْمَةُ التَّسْمِيَةِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا قِيلَ لَمَّا كَانَتْ الْحِكْمَةُ فِي تَسْمِيَتِهَا ذَلِكَ لَزِمَ أَنْ تُسَمَّى كُلُّ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كُرْدِيٌّ أَيْ أَنْ تُسَمَّى هَذِهِ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ فِي جَمِيعِ شُهُورِ السَّنَةِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُمْ يُشَرِّقُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْآيَةِ) أَيْ الَّتِي فِي الْبَقَرَةِ و(قَوْلُهُ: وَالْمَعْلُومَاتُ) أَيْ فِي سُورَةِ الْحَجِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرِدْ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِضِيقِ الْوَقْتِ لَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى لَمْ يَضِقْ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَفِي حَمْلِ الْمَتْنِ) أَيْ قَوْلُهُ وَيَخْرُجُ بِغُرُوبِهَا.
(قَوْلُهُ: الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) وَافَقَهُمْ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْوَجْهَ الثَّانِي) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ وَقِيلَ يَبْقَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ مَعَ جَرَيَانِهِ عَلَى الْأَصَحِّ)، وَهُوَ أَنْ يَمْتَدَّ وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَعْنَى) أَيْ الْمَعْنَى الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَيَخْرُجُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلَى فَجْرِ اللَّيْلَةِ الَّتِي تَلِي إلَخْ) شَامِلٌ لِآخِرِ يَوْمٍ وَيُنَافِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَمَحَلُّهُ إلَخْ سم وَلَك دَفْعُ الْمُنَافَاةِ بِإِرْجَاعِ قَوْلِهِ الْآتِي إلَى هَذَا الِاحْتِمَالِ أَيْضًا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَالْمَعْنَى وَمَحَلُّ الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي الْمَتْنِ بِكُلٍّ مِنْ احْتِمَالَيْهِ فِي غَيْرِ ثَالِثِهَا إلَخْ فَثَالِثُهَا مُسْتَثْنًى عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ: كَوُقُوفِ عَرَفَةَ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ هَذَا إلَى يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الرَّمْيَ.

.فَرْعٌ:

يُسَنُّ كَمَا مَرَّ لِمُتَوَلِّي أَمْرِ الْحَجِّ خُطْبَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ بِمِنًى وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا فَعَلَهَا ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَأَجَبْت عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ بِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَتَكَلُّفٌ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا الرَّمْيَ وَالْمَبِيتَ وَخُطْبَةٌ بِهَا أَيْضًا بَعْدَ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا جَوَازَ النَّفْرِ فِيهِ وَغَيْرِهِ وَيُوَدِّعُهُمْ وَتُرِكَتَا مِنْ أَزْمِنَةٍ عَدِيدَةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَنْبَغِي فِعْلُهَا الْآنَ إلَّا بِأَمْرِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ لِمَا يُخْشَى مِنْ الْفِتْنَةِ (وَيُشْتَرَطُ) فِي رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ وَمَا بَعْدَهُ (رَمْيُ السَّبْعِ وَاحِدَةً وَاحِدَةً) يَعْنِي مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ كُلُّ مَرَّةٍ عَلَى سَبْعٍ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ اتَّحَدَتْ الْحَصَاةُ فِي الْمَرَّاتِ السَّبْعِ، أَوْ وَقَعَتْ الْمَرَّتَانِ، أَوْ الْمَرَّاتُ مَعًا فِي الْمَرْمَى وَذَلِكَ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَلَوْ رَمَى ثِنْتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَوْ وَاحِدَةً بِيَمِينِهِ وَأُخْرَى بِيَسَارِهِ حُسِبَتْ رَمْيَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ وُجِدَ التَّرْتِيبُ فِي الْوُقُوعِ، وَإِنَّمَا حُسِبَتْ فِي الْحَدِّ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةٌ بِعَدَدِهَا؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الدَّرْءِ وَلِوُجُودِ أَصْلِ الْإِيلَامِ الْمَقْصُودِ فِيهِ وَالْغَالِبُ هُنَا التَّعَبُّدُ، أَوْ مُتَرَتِّبَتَيْنِ فَوَقَعَتَا مَعًا فَثِنْتَانِ.
(وَ) فِيمَا بَعْدَهُ (تَرْتِيبُ الْجَمَرَاتِ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى مِنْ جِهَةِ عَرَفَةَ ثُمَّ بِالْوُسْطَى ثُمَّ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فَلَوْ عُكِسَتْ حُسِبَتْ الْأُولَى فَقَطْ فَلَوْ تَرَكَ حَصَاةً عَمْدًا، أَوْ غَيْرَهُ وَنَسِيَ مَحِلَّهَا جَعَلَهَا مِنْ الْأُولَى فَيُكْمِلُهَا ثُمَّ يُعِيدُ الْأَخِيرَتَيْنِ مُتَرَتِّبَتَيْنِ (وَ) فِي الْكُلِّ (كَوْنُ الْمَرْمِيِّ حَجَرًا) لِلِاتِّبَاعِ وَلَوْ حَجَرَ حَدِيدٍ وَنَقْدٍ وَفَيْرُوزَجِ وَيَاقُوتٍ وَعَقِيقٍ وَبِلَّوْرٍ وَفَسَّرَهُ فِي الْقَامُوسِ بِأَنَّهُ جَوْهَرٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُصْطَنَعَ الْمُشْبِهَ لَهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَزَبَرْجَدٍ وَزُمُرُّدٍ، وَإِنْ جُعِلَتْ فُصُوصًا مَثَلًا، وَإِنْ أُلْصِقَتْ بِنَحْوِ خَاتَمٍ فَرَمَاهُ بِهَا فِيمَا يَظْهَرُ وَكَذَّانِ بِالْمُعْجَمَةِ وَبِرَامٍ وَمَرْمَرٍ، وَهُوَ الرُّخَامُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ فَقَوْلُ شَارِحٍ لَا يُجْزِئُ الرُّخَامُ سَهْوٌ إلَّا إنْ ثَبَتَ أَنَّ مِنْهُ نَوْعًا مَصْنُوعًا وَأَنَّ الْمَرْمِيَّ بِهِ مِنْهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ طَبَقَاتِ الْأَرْضِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ طَبَقَاتِهَا كَإِثْمِدٍ وَلُؤْلُؤٍ وَمُنْطَبِعٍ نَحْوِ نَقْدٍ، أَوْ حَدِيدٍ وَمَرَّ فِي مَبْحَثِ الْمُشَمَّسِ أَنَّ الِانْطِبَاعَ الْمَدُّ تَحْتَ الْمِطْرَقَةِ لَكِنَّهُ ثَمَّ يَكْفِي مَا بِالْقُوَّةِ لَا هُنَا لِاخْتِلَافِ الْمَلْحَظَيْنِ وَنُورَةٍ طُبِخَتْ وَوَاضِحٌ حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِنَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ إنْ نَقَصَ بِهِ قِيمَتُهُ لِحُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ.
وَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ الْمَرْجَانَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مُعْتَرَضٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ يَنْبُتُ فِي بَحْرِ الْأَنْدَلُسِ كَالشَّجَرَةِ وَنُقِلَ أَنَّ لَهُ جَزِيرَةً يَنْبُتُ فِيهَا كَالشَّجَرِ هَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ فِي الْمَرْجَانِ الْآنَ أَمَّا الْمَرْجَانُ لُغَةً فَهُوَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ وَغَيْرِهِ (وَأَنْ يُسَمَّى رَمْيًا) وَأَنْ يَكُونَ بِالْيَدِ إنْ قَدَرَ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ فَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ إجْزَاءِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الرَّأْسِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْحًا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ وُصُولُ الْبَلَلِ، وَهُوَ حَاصِلٌ بِذَلِكَ وَهُنَا مُجَاهَدَةُ الشَّيْطَانِ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِالرَّمْيِ الَّذِي يُجَاهِدُ بِهِ الْعَدُوَّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ «لَمَّا سُئِلَ عَنْ الْجِمَارِ اللَّهَ رَبَّكُمْ تُكَبِّرُونَ وَمِلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ تَتَّبِعُونَ وَوَجْهَ الشَّيْطَانِ» تَرْمُونَ وَلَا رَمْيُهُ بِنَحْوِ رِجْلِهِ أَوْ قَوْسِهِ أَيْ: مَعَ الْقُدْرَةِ بِالْيَدِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِ الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ لَا يُجْزِئُ بِالْقَوْسِ وَقَوْلِ آخَرِينَ يُجْزِئُ وَكَذَا الرِّجْلُ فَمَنْ قَالَ يُجْزِئُ أَرَادَ إذَا عَجَزَ بِالْيَدِ وَجَعَلَ الْحَصَاةَ بَيْنَ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ وَرَمَى بِهَا.
وَمَنْ قَالَ لَا يُجْزِئُ أَرَادَ مَا إذَا قَدَرَ بِالْيَدِ أَوْ دَحْرَجَهَا بِرِجْلِهِ إلَى الْمَرْمَى وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْيَدِ وَقَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِقَوْسٍ فِيهَا وَبِفَمٍ وَبِرِجْلٍ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ قَدَرَ عَلَى الْأَخِيرِينَ فَقَطْ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْفَمُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْيَدِ وَالتَّعْظِيمُ لِلْعِبَادَةِ، أَوْ الرِّجْلُ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ بِهَا مَعْهُودٌ فِي الْحَرْبِ وَلِأَنَّ فِيهَا زِيَادَةَ تَحْقِيرٍ لِلشَّيْطَانِ الْمَقْصُودِ مِنْ الرَّمْيِ تَحْقِيرُهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَلَعَلَّ الثَّالِثَ أَقْرَبُ وَلَوْ قَدْرَ عَلَى الْقَوْسِ بِالْفَمِ وَالرِّجْلِ فَهُوَ كَمَحِلِّهِ فِيمَا ذُكِرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ بِالْيَدِ بَلْ بِقَوْسٍ فِيهَا وَبِالرِّجْلِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ رَمَى السَّبْعَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ ذَاكَ لِبَيَانِ التَّعَدُّدِ لَا الْكَيْفِيَّةِ وَأَنْ يَقْصِدَ الْمَرْمَى، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّسُكَ وَأَنْ يَتَيَقَّنَ وُقُوعَهُ فِيهِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَيْسَ لَهَا إلَّا جَمْرَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي كَمَا مَرَّ وَأَنْ يَكُونَ الْوُقُوعُ فِيهِ لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ فَلَوْ وَقَعَ الْحَجَرُ عَلَى مَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي وُقُوعِهِ فِي الْمَرْمَى وَلَوْ احْتِمَالًا كَأَنْ وَقَعَ عَلَى مَحْمَلٍ لَا نَحْوِ أَرْضٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَ لِلْمَرْمَى لَغَا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّهُ الرِّيحُ إلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهَا.
(وَالسُّنَّةُ أَنْ يَرْمِيَ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ) بِمُعْجَمَتَيْنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «عَلَيْكُمْ بِقَدْرِ حَصَى الْخَذْفِ» وَحَصَاتُهُ دُونَ الْأُنْمُلَةِ طُولًا وَعَرْضًا قَدْرَ حَبَّةِ الْبَاقِلَاءِ الْمُعْتَدِلَةِ وَقِيلَ كَقَدْرِ النَّوَاةِ وَيُكْرَهُ بِأَكْبَرَ وَأَصْغَرَ مِنْهُ وَبِهَيْئَةِ الْخَذْفِ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهَا الشَّامِلِ لِلْحَجِّ وَغَيْرِهِ كَمَا بَيَّنْته مَعَ رَدِّ مَا اعْتَرَضَهُ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْحَاشِيَةِ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ يُجْزِئُ بِحَجَرٍ قَدْرِ مِلْءِ الْكَفِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ بَلْ وَبِأَكْبَرَ مِنْهُ حَيْثُ سُمِّيَ حَصَاةً أَوْ حَجَرًا يُرْمَى بِهِ فِي الْعَادَةِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ نَدْبَهَا وَأَنَّهَا وَضْعُ الْحَجَرِ عَلَى بَطْنِ الْإِبْهَامِ وَرَمْيُهُ بِالسَّبَّابَةِ وَأَنْ يَرْمِيَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَأَنْ يَرْفَعَ الذَّكَرُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى مَا تَحْتَ إبْطِهِ وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ فِي الْكُلِّ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَأَنْ يَرْمِيَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ مِنْ عُلْوٍ وَيَقِفَ عِنْدَهُمَا بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَاعِيًا ذَاكِرًا إنْ تَوَفَّرَ خُشُوعُهُ وَإِلَّا فَأَدْنَى وُقُوفٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ تَفَاؤُلًا بِالْقَبُولِ وَأَنْ يَكُونَ رَاجِلًا فِي الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَرَاكِبًا فِي الْأَخِيرِ وَيَنْفِرُ عَقِبَهُ ثُمَّ يَنْزِلُ بِالْمُحَصَّبِ وَيُصَلِّي بِهِ الْعَصْرَيْنِ وَصَلَاتُهُمَا بِهِ ثُمَّ بِغَيْرِهِ أَفْضَلُ مِنْهَا بِمِنًى وَالْعِشَاءَيْنِ وَيَرْقُدُ رَقْدَةً ثُمَّ يَذْهَبُ إلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ لِلِاتِّبَاعِ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الْحَجَرِ فِي الْمَرْمَى) فَلَا يَضُرُّ تَدَحْرُجُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِيهِ لِحُصُولِ اسْمِ الرَّمْيِ (وَلَا كَوْنُ الرَّامِي خَارِجًا عَنْ الْجَمْرَةِ) فَيَصِحُّ رَمْيُ الْوَاقِفِ فِيهَا إلَى بَعْضِهَا لِذَلِكَ وَعُلِمَ مِنْ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْجَمْرَةَ اسْمٌ لِلْمَرْمَى حَوْلَ الشَّاخِصِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَلَعَ لَمْ يَجُزْ الرَّمْيُ إلَى مَحِلِّهِ وَلَوْ قَصَدَهُ لَمْ يُجْزِئْ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَرَجَّحَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُمْ الزَّرْكَشِيُّ كَالْأَذْرَعِيِّ نَعَمْ لَوْ رَمَى إلَيْهِ بِقَصْدِ الْوُقُوعِ فِي الْمَرْمَى وَقَدْ عَلِمَهُ فَوَقَعَ فِيهِ اُتُّجِهَ الْإِجْزَاءُ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ غَيْرُ صَارِفٍ حِينَئِذٍ ثُمَّ رَأَيْت الْمُحِبَّ الطَّبَرِيَّ صَرَّحَ بِهَذَا بَلْ قَالَ لَا يَبْعُدُ الْجَزْمُ بِهِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: لَا هُنَا) أَيْ لَا يَكْفِي الْمُنْطَبِعُ بِالْقُوَّةِ هُنَا فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهَذَا الْكَلَامُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ ضَابِطَ الْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ فِي نَحْوِ النَّقْدِ مَا قَبْلَ الِانْطِبَاعِ بِالْفِعْلِ وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ نَقَلَ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ الْإِجْزَاءَ أَيْ بِحَجَرِ الْحَدِيدِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ حَجَرٌ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّ فِيهِ حَدِيدًا كَامِنًا يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ بِالْعِلَاجِ. اهـ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِحَجَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَنَحْوِهَا قِطَعَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ الْخَالِصَةِ بَلْ حَجَرٌ حَقِيقَةً يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ الْمَذْكُورَاتُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَحِينَئِذٍ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْمُنْطَبِعِ بِالْقُوَّةِ مَا هُوَ نَقْدٌ خَالِصٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَيْضًا أَوْ مَا هُوَ حَجَرٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ النَّقْدُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَكْفِي، وَإِنْ أَثَّرَتْ فِيهِ الْمِطْرَقَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ حَجَرًا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَنُورَةٍ طُبِخَتْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَمْ تُطْبَخْ وَمِثْلُ الْمَطْبُوخَةِ مَدَرٌ وَآجُرٌّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: وَوَاضِحٌ حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِنَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ إنْ نَقَصَ بِهِ قِيمَتُهُ إلَخْ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَظْهَرُ تَحْرِيمُ الرَّمْيِ بِالْيَاقُوتِ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ الرَّمْيُ يَكْسِرُهَا وَيُذْهِبُ بَعْضَ مَالِيَّتِهَا وَلَاسِيَّمَا النَّفِيسُ مِنْهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالسَّرَفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَهُ أَوْ سَرَقَهُ وَرَمَى بِهِ كَفَى ثُمَّ رَأَيْت الْقَاضِي ابْنَ كَجٍّ جَزَمَ بِهِ قَالَ كَالصَّلَاةِ فِي الْمَغْصُوبِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ إضَاعَةِ الْمَالِ) هَلَّا جَازَتْ هُنَا؛ لِأَنَّهَا لِغَرَضٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ بِالْيَدِ إنْ قَدَرَ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَأَنْ يَكُونَ بِالْيَدِ لَا بِالرِّجْلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ سَوَاءٌ أَدَحْرَجَهُ بِهَا أَيْ بِالرِّجْلِ إلَى الْمَرْمَى أَوْ وَضَعَهُ بَيْنَ أَصَابِعِهَا وَرَمَى بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ الَّذِي اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ لَكِنْ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ الْإِجْزَاءَ فِي الثَّانِيَةِ وَزَعَمَا أَنَّهُ يُسَمَّى رَمْيًا وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ هَذَا حَيْثُ قَدَرَ عَلَى الرَّمْيِ بِإِحْدَى يَدَيْهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إجْزَاؤُهُ بِالرِّجْلِ بِأَنْ يَضَعَهُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَيَرْمِيَ بِهِ وَكَالرِّجْلِ الْفَمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الرَّمْيُ بِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ الْأَحْوَطُ الْمَنْعُ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَدَّمْته فِي الرِّجْلِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ فِي الرَّمْيِ بِالرِّجْلِ أَوْ الْفَمِ حَيْثُ عَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى رَمْيًا أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّمْيِ بِالْيَدِ لِانْتِفَاءِ مُسَمَّى الرَّمْيِ وَأَنَّهُ يَسْتَنِيبُ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إنْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ.